الثلاثاء، 8 مارس 2011

مجدي يعقوب.. نموذج "طبي" فريد ومفهوم "خيري" جديد


جاء حصول الجراح المصرى الشهير دكتورمجدى يعقوب على قلادة النيل العظمي (أعلى وسام مصري)، في السادس من 

يناير 2011، تتويجا لرحلة طويلة من العمل المتميز والإبداع المستمر في مجال 

جراحة القلب المفتوح، استمرت قرابة نصف قرن من الزمان، قضاها متنقلا بين دول 

أوروبا، مستقرا في بريطانيا. فقد ألقى خلالها آلاف المحاضرات، وشارك في مئات 

الندوات والمؤتمرات العالمية المتخصصة، وتخرّج على يديه آلاف الأطباء 

والجراحين.


ويعتبر جراح القلب العالمي (المصري البريطاني) الدكتور مجدي يعقوب، واحدا من 

أشهر جراحي القلب فى العالم، فضلا عن كونه ثانى جراح يقوم بزراعة قلب بعد

 جرّاح القلب الجنوب إفريقي كريستيان برنارد، وقد أجرى يعقوب أكثر من ألفي عملية

 زرع قلب، وبلغت أبحاثه العالمية أكثر من

400 بحث متخصّص في جراحة القلب والصدر خلال الربع قرن الأخير من حياته، 

ورغم عبقريته غير المسبوقة فى تاريخ مصر، فقد امتاز بالأدب العالي والتواضع 

الجم!

 

ولعل أبرز ما يميز يعقوب، الذي كوفئ بمنحه "قلادة النيل العظمى"، التي لا تمنح 

سوي لرؤساء الدول ولمن يقدموا خدمات جليلة للوطن وللإنسانية، هو أنه إنسان يشعر 

بآلام الفقراء من المرضى، إضافة إلى جهوده العِـلمية والطبية ومشروعاته العلاجية 

المجانية لخِـدمة المرضي المصريين من غير القادرين‏ وتقديمه لمفهوم جديد للعمل 

الخيري، لا يقف به عند مجرد تقديم الدّعم المادي، فضلا عن كونه نموذجا فريدا 

وقُـدوة لشباب الأطباء، ليس في مصر وحدها وإنما في العالم العربي بأسره.


العلاج والتدريب والبحث

ومن جهته، اعتبر الدكتور يعقوب أن "هذا التقدير والتكريم، ليس لشخصي فقط، وإنما 

لفريق العمل الذي يعمل معي، لأنه فريق يؤمِـن بهذه الرسالة، وهو بمثابة هدية 

للإنسانية وللعِـلم‏‏ ولكل العاملين في مركز أسوان للقلب"‏,، مؤكِّـدا أن "مشروع مركز 

جراحات القلب، الذي أقامه في أسوان، هو لخِـدمة الإنسانية، بالإضافة إلى الارتقاء 

بالتدريب والبحوث العلمية‏".

 
وقال الدكتور يعقوب: "إن التدريب يأتي على رأس اهتمامات وأولويات المركز،‏‏ لكل 

عناصر المنظومة العاملة بالمركز‏,، من أجل ضمان استمرار أفضل خِـدمة طبية 

مُـمكنة لجميع المرضى،‏ وخاصة غير القادرين والأطفال، على المدى البعيد‏"، معتبرا 

أن "البحوث العلمية تُـعَـد كذلك من أبرز اهتمامات المركز وتتوازى في أهميتها مع 

عنصرَيْ العلاج والتدريب"، وأن "البحوث العِـلمية والتدريب بالمركز، سيجريان 

بالتعاون مع نُـخبة من أهَـم وأكبر الأطباء والعلماء من داخل مصر وخارجها، ‏ سيتم 

اختيارهم بعناية لتحقيق تلك الغاية".

ويرى يعقوب أن "أهمية مركز أسوان للقلب، تنبع أساسا من كونه معنيا بالمستقبل‏, 

واستمرار التحديث والتطوير والبحث العِـلمي في مجال أمراض القلب‏,، وليس فقط 

الاكتِـفاء بمجرّد تقديم الخِـدمة العِـلاجية‏، وهو ما يؤكِّـد رسالة المركز في إعطاء أكبر 

قدْر من الأهمية لتدريب الكوادِر من شباب الأطباء والجراحين"، مؤكدا أن "مركز 

أسوان للقلب، سيحتلّ مكانا رفيعا على قائمة المراكز المتخصِّـصة في هذا المجال، 

على مستوى العالم‏,‏ ليس فقط في مجال العلاج‏،‏ وإنما أيضا في مجال البحوث العلمية 

المُـرتبطة بأنشطته"‏.



عود حميد وجهد وفير

وبعد رحلة طويلة ومسيرة ناجحة، على مستوى كُـبريات جامعات ومستشفيات العالم، 

عاد البروفسور مجدي يعقوب لبلده مصر، لينشِـئ على أرض ‏(أسوان‏)‏ بجنوب صعيد 

مصر، مركزا لجراحات القلب ولعلاج الحالات الحرجة، للمعوزين  كما شرع في 

إنشاء مركز ملحَـق به لدراسات وأبحاث أمراض القلب‏، وأطلق مبادرته الإنسانية‏ 

(سلسلة الأمل‏) في عمل خيري عالمي رائد، يرعى مرضى القلب من الأطفال، بالعديد 

من الدول النامية، ويسهم في إتاحة الرعاية الصحية وتنمية المجتمعات المحلية بهذه 

الدول‏.‏
وخلال عام واحد، أجرى يعقوب وفريقه المعاون حوالي (190)‏ عملية قلب مفتوح 

ونحو ‏(450)‏ عملية قسطرة‏، كما قام بفحص أكثر من ‏(3000)‏ حالة ممّـن يعانون من 

أمراض القلب، كانت الغالبية العُـظمى منهم من أبناء الصعيد المحرومين من الخدمات 

الطبية المتخصّصة، بحُـكم بُـعدهم عن مركز الخدمات في قلب العاصمة القاهرة.
كما تبنّـت ‏(مؤسسة مجدي يعقوب‏)‏ الخيرية، بالتعاون مع‏ (مكتبة الإسكندرية‏)، برنامجا 

لأمراض القلب الوراثية على المستوى القومي، بدءا بمحافظات أسوان والقاهرة 

والإسكندرية والمنوفية، أسهم حتى الآن في متابعة أكثر من ‏(1600)‏ حالة من الأسَـر 

المصرية الفقيرة، من غير القادرين.‏



من بلبيس إلى بريطانيا

ويُـعدُّ البروفيسور يعقوب، المولود يوم 16 نوفمبر 1935 بمدينة بلبيس، شمال مصر، 

لعائلة قبطية تنحدِر من أصول تقطن محافظة أسيوط بجنوب مصر، واحدا من أبرز 

جرّاحي القلب بالعالم، وينسب إليه تطوير صمّام للقلب باستخدام الخلايا الجِـذعية، وهو 

الاكتشاف الذي سيسمح باستخدام أجزاء من القلب تمّت زراعتها صناعياً في خلال 

ثلاثة أعوام، وهو ما يُـعدّ بداية التوصّـل إلى زراعة قلب كامل، باستخدام الخلايا 

الجذعية خلال الأعوام العشرة القادمة، وذلك بعد نجاحه وفريقه الطبي في استخراج 

الخلايا الجذعية من العظام وزرعها وتطويرها إلى أنسجة، تحوّلت إلى صمامات 

للقلب، وبوضعها في بيئة من الكولاجين، تكونت إلى صمامات للقلب بلغ طولها 3 سم.

وبعد تخرجه في كلية الطب بجامعة القاهرة وإكمال تعليمه في شيكاغو، انتقل إلى 

بريطانيا عام 1962، فعمل بمستشفى الصدر بلندن، ثم أخصائي جراحات القلب 

والرِّئتين بمستشفى هارفيلد (1969 - 2001) ثم مدير قسم الأبحاث العلمية والتعليم 

عام 1992، وبعدها عُـيِّـن أستاذاً بالمعهد القومي للقلب والرِّئة عام 1986 وكرّس 

جهده لتطوير تقنيات جراحات نقل القلب منذ عام 1967.

وفي عام 1980، أجرى يعقوب عملية نقل قلب للمريض ديريك موريس، الذي أصبح 

فيما بعد أطول مريض نقل قلب بأوروبا عاش على قيد الحياة حتى موته في يوليو 

2005. كما أجرى العديد من عمليات القلب لعدد من المشاهير منهم: الفنان الكوميدي 

البريطاني إريك موركامب.

كما حصل يعقوب على زمالة كلية الجراحين الملكية بلندن وعلى ألقاب ودرجات 

شرَفية من عدّة جامعات بريطانية، أبرزها برونيل وكارديف ولوفبورا وميدلساكس، 

وكذا من جامعة لوند بالسويد، وخصِّصت باسمه كراسي شرفية في جامعات: لاهور 

بباكستان وسيينا بإيطاليا.

وفي عام 1992، منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب "فارس" وأطلَـق عليه الإعلام 

البريطاني لقَـب "ملك القلوب". وفي 11 أكتوبر 2007، منحته قناة (اي تي في) 

البريطانية، جائزة "فخر بريطانيا" لقيامه بإجراء أكثر من 20 ألف عملية قلب في 

بريطانيا ومساهمته في تأسيس الجمعية الخيرية لمرضى القلب للأطفال في دول العالم 

النامية واستمراره في العمل بمجال البحوث الطبية. وأذيع الحفل على الهواء مباشرة، 

وحضره رئيس الوزراء البريطاني (حينها) غوردن براون، وهي جائزة تُـمنح 

للأشخاص الذين ساهموا بأشكال مختلفة من الشجاعة والعطاء أو مَـن ساهم في التنمية 

الاجتماعية والمحلية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: مقال للكاتب الصحفى همام سرحان بموقع أخبار سويسرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق