السبت، 15 أكتوبر 2011

البحث العلمي وأثره على النهضة الاقتصادية


من المعروف أن البحث العلمي باتجاهاته المختلفة له الأثر البالغ على النهضة الاقتصادية والتطور السريع للأمم، هذا بالإضافة إلى أن النمو الإقتصادى لا يعتمد فقط على توافر رؤوس الأموال والكوادر العاملة المتميزة والبنية الأساسية والموارد المادية المختلفة، إنما يعتمد أيضاً على النهضة العلمية والتكنولوجية وتوافر الخطط البحثية المعدة سلفاً، أخذا في الاعتبار التطور السريع في المجالات التكنولوجية المتقدمة.

ومما لاشك فيه أن أهداف الخطط القومية فى الدولة الحديثة لابد أن تعتمد على البحث العلمي فى المجالات التكنولوجية والعلمية المطلوبة فى إطار من الأوليات والاحتياجات المحلية والتعاون الدولي مما يتيح حلول إبتكارية مختلفة فى المجالات الصناعية والخدمية والزراعية ... إلخ، بما يضاعف من القدرة التنافسية للمنتج المحلى على المستوى الإقليمى والمستوى الدولى والذى يؤثر إيجابيا على معدل النمو الإقتصادى للدولة.

ويمكننا إستعراض نتائج الإستفادة من البحث العلمى على النمو الإقتصادى فيما يلى:
1. إستقرار معدل النمو الإقتصادى وتأثيره على إجمالى الدخل القومى.
2. ربط الصناعة بالبحث العلمى وتأثير ذلك على رفع الجودة وفتح فرص المنافسة على المستوى العالمى.
3. رفع المستوى المهارى والمهنى للفرد مع رفع مستوى المعرفى بما يساعد على رفع كفاءة الأداء ورفع الإنتاجية.
4. رفع مستوى المعيشة للدولة وإنعكاسه على مستوى دخل الفرد.

إن مصر يجب أن يكون لها الدور الريادى فى المنطقة العربية والأفريقية والدور المؤثر على المستوى العالمى وقد يتطلب ذلك تطوير الخطط الإقتصادية الحالية فى إطار ما نملكه من مؤسسات بحثية وجامعات نشطة فى مجال البحث العلمى وآلاف الباحثين فى المجالات العلمية المختلفة. وقد أشار أحدث تقارير منظمة اليونسكو العالمية إلى أن مصر تمتلك أكبر عدد من الباحثين وأكبر عدد من المؤسسات البحثية فى المنطقة العربية. وقد أشار التقرير أيضاً إلى أن إجمالى الباحثين فى البلدان العربية لا يخدم بالضرورة الأبحاث الصناعية والأبحاث التكنولوجية المتقدمة بحيث كانت النسبة الأكبر للباحثين فى المجالات الزراعية (44%) والمجالات الطبية (13%) والمجالات الإقتصادية والإجتماعية (10%) والعلوم الأساسية (8%) والمجالات الصناعية (8%) والهندسة والتكنولوجيا (6%). وربما يطرح هذا التوزيع عدد من التساؤلات:
هل توزيع الباحثين الحالى يخدم النمو الإقتصادى المطلوب فى المنطقة؟
هل هناك خطة يتم تفعيلها فى إطار تحديد الأولويات المطلوبة للإتجاهات البحثية المختلفة؟
هل كفاءة الأداء البحثية فى إطار توزيع أعداد الباحثين يؤدى إلى النتائج المطلوبة والعائد المناسب على الإقتصاد القومى؟

ربما يتطلب الإجابة على هذه الأسئلة إعادة النظر فى الخطط البحثية المفعلة وكذلك مستوى كفاءة التعليم بمراحله المختلفة فى إطار أن رفع الجودة البحثية يعتمد على مستوى الخريج وتكامل دراسته الأكاديمية مع مهاراته البحثية هذا بالإضافة إلى أهمية التدريب المستمر على المجالات البحثية والتكنولوجية المتقدمة.

مراحل البحث العلمى
ويمر البحث العلمى بأربعة مراحل متعارف عليها عالمياً ويحتاج كل منها تحديد لآليات التطوير بحيث تتكامل مع بعضها البعض وتؤدى فى النهاية إلى نتائج إيجابية لرفع مستوى الإبتكار وتأثير ذلك على القدرة التنافسية للمنتج المحلى وإنعكاس ذلك على النمو الإقتصادى.

وتتحدد المراحل الأربعة للبحث العلمى فيما يلى:
1. المجالات البحثية فى العلوم الأساسية ويتطلب ذلك إختيار المجالات ذات أهمية تطبيقية عالية ومرتبطة بالإتجاهات التكنولوجية العالمية. ويعتبر المخرج النهائى لهذه المرحلة أبحاث منشورة يتحدد جودتها على مستوى النشر وكذلك معدلات الرجوع إليها وإلى نتائجها من خلال الأبحاث الأخرى والمنشورة فى نفس المجال. وتنمية هذا الإتجاه يتطلب تشجيع الباحثين على إختيار المواضيع البحثية الهامة ذات إتجاه تطبيقى مطلوب، هذا بالإضافة إلى الإهتمام الكبير بنشر الأبحاث على المستوى العالمى.
2. وتتحدد المرحلة الثانية فى المجالات البحثية التطبيقية وهى التى تهتم بعمل الأبحاث لكل مشكلة تطبيقية بعينها لها علاقة بعدد من الإتجاهات الصناعية ويتطلب ذلك تكثيف التعاون البحثى على المستوى المحلى والإلمام الكامل بالأبحاث فى نفس المجال على المستوى العالمى. وتؤدى النتائج البحثية فى هذا المجال إلى عدد من الإبتكارات يمكن أن ينتج عنها براءات إختراع.
3. أما المرحلة الثالثة فهى المجالات البحثية المرتبطة بإتجاه تكنولوجى محدد يخدم تطوير منتج معين. ويتطلب ذلك الدخول فى مجالات بحثية تطبيقية تهدف إلى وضع آليات عمل نموذج يصلح للإنتاج. ويعتبر المنتج النهائى لهذا المجال البحثى تنفيذ نموذج صناعى يصلح للتنفيذ مستقبلاً.
4.وتحدد خلاصة المراحل السابقة فى المرحلة الرابعة والمرتبطة بالبحث العلمى الخاص بتطوير منتج بحيث يتناول عناصر الإنتاج والتطوير الحالى والمستقبلى ويتطلب ذلك من الباحثين مهارات بحثية خاصة تشمل علاج مشاكل المنتج ومشاكل الإنتاج ومشاكل المستقبل الصناعى للمنتج المقترح. وينتهى هذا المجال البحثى بمنتج قابل للإستخدام.

دور الدولة لتطوير البحث العلمى
ومما لاشك فيه أن هناك دور للدولة من خلال وزارة البحث العلمى لدعم الإتجاهات البحثية بمراحلها المختلفة فى إطار من التنسيق مع كل مؤسسات الدولة وفى إطار خطة طموحة قابلة للتنفيذ. ويمكن تحديد بعض ملامح هذا الدور فيما يلى:
1. تطوير المؤسسات العاملة فى مجال البحث العلمى وما تتطلبه من إتاحة الموارد البشرية والمادية اللازمة مع متابعة تنفيذ الخطط وقياس كفاءة الأداء.
2. تشجيع القطاع الخاص على الإستثمار فى مجال البحث العلمى مع رفع الوعى بأهمية أداء الأبحاث لرفع القدرة التنافسية بالإضافة إلى أهمية التنسيق المستمر بين المؤسسات البحثية والمؤسسات الصناعية فى إطار من الإستفادة المتبادلة.
3.دعم الجامعات لرفع مستوى أداء البحث العلمى بها مع دعمها المادى والتنسيق لعمل علاقات دولية مع المؤسسات العالمية المماثلة.
4. تشجيع عمل الحضانات البحثية وتمويلها وكذلك إنشاء مراكز للتميز فى التخصصات المختلفة.
5. وضع آليات لقياس معدلات الإنجاز البحثية وكفاءة الاداء ومتابعتها دورياً ويمكن إستخدام بعض المعايير مثل عدد الأبحاث المنشورة فى مجالات معينة وإجمالى درجة المرجعية العلمية وإستفادة مختلف الباحثين منها، هذا بالإضافة إلى معدلات النمو البحثية فى المجالات ذات الإهتمام العالمى والمجالات التكنولوجية سريعة التطور بما يعكس التواصل المستمر مع المؤسسات العالمية المختلفة.
6. التنسيق بين الباحثين فى المجالات البحثية المتشابهة وذلك على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية لتحقيق أكبر فائدة بحثية وخفض فرص التكرار وتعظيم العائد البحثى.

إن التحديات التى تواجه البحث العلمى والتكنولوجى فى مصر كثيرة ومتنوعة وتتطلب تظافر الجهود على مستوى الدولة والمؤسسات البحثية وكذلك الباحثين مع أهمية تنمية الموارد المادية والبشرية فى إطار خطة قومية طموحة قابلة للتنفيذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقال للدكتور / محمد فهمى طلبة 
المصدر: موقع نقابة المهن العلمية المصرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق